vendredi 2 novembre 2012

إطلالة على جماليات الأدب الصوفي الإبداعية

 
إطلالة على جماليات الأدب الصوفي الإبداعية
نفحات أقلام إسلامية تتنافس لإبراز مكنوناته التراثية
بقلم: فاطمة الزهراء طوبال
 
  حضي الأدب الصوفي غب نشأته الأولى بمواكبته للعلوم المعرفية كعلمي التفسير و الفقه ، فنال تنويه الدارسين و المؤرخين الذين رضوا بشرف المنزلة التي رقي إليها المتصوفة فساروا في دروبها محافظين على فنهم الأصيل حيث صار منهلا للمقتبسين من فروعه ألوانا متعددة من الشعر و النثر كان من فحولها المذكورين :الإمام الشافعي و شهاب الدين عمر السهر وردي ( ت 632ه ) و إبراهيم الدسوقي و القشيري (ت 475ه ) و طاهر أبو فاشا و ذو النون المصري ( ت 245ه) و سراج الدين الطرسي ( ت 378ه) والحسن البصري( ت110ه ) ، و لعبت المدارس الدينية في ق 16م دورها في محاربة البدع و الأباطيل و في الرفع من مقام الصوفيين باعتبارهم أولياء الله الصالحين ، فكان من جهابذتها المشهورين " إبراهيم المصمودي ( ت 804ه ) الذي تابع لفترة طويلة دروس المدرسة التاشفينية بتلمسان ".
     هذا ، و قد انتشرت قبل ذلك المجالس الصوفية في كل من خراسان و بغداد و لعبت دورا هاما في الجمع بين المتصوفة للتحاور فيما بينهم و تبادل معارفهم العلمية فتبعثرت في مقامهم عبارات التوبة و الزهد و الفقر إلى الله تعالى ، حيث أورد الشيخ أبي طالب المكي الخصال التي يجب على المريد و الزاهد اتباعها و هي " قطع أسباب الهوى
 و الزهد فيما كانت النفس راغبة فيه ".
     فتميزت مرحلة بداية القرن 2ه بشيوع فكرة التقشف في الدنيا لطلب التقرب من الله
 تعالى حيث قال علقمة بن مرشد :
 " و الله لقد أدركت سبعين بدريا أكثر لباسهم الصوف ، و لو رأيتموهم قلتم مجانين ،
 و لو رأوا خياركم لقالوا : ما لهؤلاء من خلاق و لو رأوا شراركم لقالوا ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب ... يمشي أحدهم و ما يجد عنده إلا قوتا فيقول لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله عز وجل فيتصدق ببعضه و إن كان هو أحوج ممن تصدق به عليه.      
   و ما تجدر الإشارة إليه أن هذا العلم قد عرف ميزة تنقلية بامتزاج كل من أفكار متصوفة المشرق بالأندلس و لقد حدث هذا تلقائيا خاصة على يد ابن مسرة (ت419ه) ، الذي كان له قصب سبق في ذيوع طريقة زهده بين تلامذته مخلفا بذلك " كتابي التبصرة و الحروف حيث كان مذهبه يقوم على " الجمع بين بعض مبادئ المتصوفة و بعض أصول الاعتزال ".
  و إذا بحثنا عن الظروف التي ساعدت على انتشار هذا العلم فإن حياة البذخ
 و الرفاهية التي تميز بها الخلفاء جعلت من هؤلاء المتصوفة أبطالا يهرعون إلى حماية تقاليدهم الدينية من الشعوب الأجنبية التي دخلت الديار الإسلامية كالفرس "فحمل أغلب أقطاب التصوف أمثال أبو مدين شعيب بن الحسين دفين تلمسان 595ه لقب الغوث" .
  هذا ، و قد حضي كل قطب من هؤلاء بترجمة وافية تنوه بالمكانة العلمية الراقية التي سموا إليها من طرف العلماء و الدارسين أمثال القنفذ القسنطيني في كتاب " الوفيات "
و يحيى بن خلدون في كتاب " بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد ".
  إن كل هذا الاهتمام بالأدب الصوفي هو بحاجة إلى إعادة نظر جديدة ، خاصة فيما يتعلق بكتابات الصوفيين القدامى و إن كان للصوفية حض في ميدان البحث الأدبي و التاريخي إلا أن أغلبها كانت إما في مقام الاختزال أو عدم تغطيته من كل الجوانب .
      إذ أن لكل علم أساليب أدبية خاصة يتميز بها ، باعتباره علما مستقلا تتعين مناهجه بالاعتماد على  مصطلحاته التي غالبا ما تتطور بحكم التجربة الشخصية للمفكر و من هذه العلوم  " الصوفية " التي تصور لنا الحياة الانعزالية للمتصوفة الذين يرون الأشياء بمفاهيم جديدة تختلف عن اعتقادات الناس ، إذ يرى ابن خلدون في مقدمته : " أن لهم مع ذلك آداب مخصوصة بهم و اصطلاحات في ألفاظ تدور بينهم " .
    هذا ، و نجد في أقوالهم الجدية التامة في إظهار تباينهم الأدبي على غيرهم من الأدباء و ذلك بجعله في أعلى الدرجات حيث يستحيل على من ليس في مقامهم التطلع إلى كتاباتهم الأدبية إذ يقول محي الدين بن عربي : " نحن قوم يحرم النظر في كتبنا على من لم يكن في مقامنا " .
    لهذا ، أول ما عمدوا إليه أنهم وضعوا معاجما مفهرسة جعلت من الأدب الصوفي لغة مميزة " تظهر مقنعة ، رمزية ، خاصة ، وتلك اللغة كونت الإنسان الصوفي و هو يكونها ".
فانقسمت لغة هذا العلم إلى تصوفين حيث تميز التصوف الأول في العمل و المعاملة ، أما التصوف الثاني فهو عبارة عن خطابات تدور حول العشق الإلهي.
   ومن هنا نفهم مدى قيمة ربط الشعر بالدين لدى الصوفي و لعل هذا ما كان عند عرب الجاهلية الذين :" ربطوا الشعر بالدين فكانوا يقرؤونه على قبور موتاهم "  .
   هذا ، و قد كانت رابعة العدوية (ت185ه) من أبرز المؤسسين لأدب هذا العلم بتأسيسها لمعجم المشاهدات و المكاشفات و هي تغوص في ترانيم من الحب الإلهي العميق قائلة :
             فلا الحمد في ذا و لا ذاك لي *** لكن لك الحمد في ذا و ذاك
 
    و نجد في أدب المتصوفة خصوصيات هامة جدا على الأديب الصوفي احترامها و منها التسمية حيث يقوم بمنح لكل مرحلة من أدبياته الروحانية إسما مميزا يتصف به كالحيرة و العشق ، و تحويل الأفعال إلى مصطلحات و كثرة استخدام المفردات في نصوصهم و صياغتها في ثنائيات متناقضة .
  هذا، و كما يكثرون في استعمال الطباق و الجناس ليقدموا فنهم النبيل في حلية أصيلة من حلى اللغة العربية الفصيحة.
قال شهاب الدين عمر السهر وردي :
        سمحوا بأنفسهم و ما بخلوا بها *** لما دروا أن السماح رباح
       و دعا هموا داعي الحقائق دعوة *** فغدوا بها مستأنسين و راحوا
       ركبوا على سفن الوفاء و دموعهم *** بحر و شدة شوقهم ملاح
     و لقد دونت ألفاظ الصوفية في معاجم لإدراك معاني المصطلحات التي يحتكم إليها الصوفي في كتابة نصه الأدبي و منها " باب في شرح الألفاظ الجارية في كلام الصوفية " و هو فصل خاص من كتاب " اللمع" لمؤلفه سراج الدين الطوسي (ت387ه).
    هذا ، و كما ارتبط الأدب الصوفي كذلك بالفلسفة فأصبح يغوص في مسائل وجودية فتخطى بهذا مرحلته الأولى التي تمثلت في قطاع العمل و المجاهدة و المعاملة ليرقى إلى فضاء من الفكر و العقلانية مع ابن عربي ( 560-638ه) الذي تضاربت الآراء بين تصديقه أو تكفيره و يعود السبب في ذلك إلى مدى الفهم و التأويل الصحيح لنصوصه التي تمتزج بين الفلسفة و الفقه و التصوف.
   و يرى محمد السر غيني أن " التصوف وجدان مهما اختلفت تعار يفه ، و خصوصيته تجعل منه فكرا ذوقيا حتى مع اختلاف اتجاهاته " و لعل هذا ما جعل العديد من المستشرقين يقومون بمقارنة متصوفة مسلمين على غيرهم من متصوفة ديانات أخرى كالمسيحية و اليهودية و ذلك بموازاتها حيث قورنت رابعة العدوية بالقديسة تريزا الأشبيلية  و قورن أبا حامد الغزالي بتوماس الأكويني.
   هذا ما يدل على أن هذا العلم لم يكن مقتصرا في حدود الفكر الإسلامي بقدر ما عرفت مفاهيمه لدى المعتقدات الدينية الأخرى و يعود الأمر إلى التأثر و الامتزاج الثقافي بين الحضارتين الإسلامية و الأوربية.
  و لما كان هذا التأثر قد بلغ ذروته بجعل الأدب الصوفي في قالب فلسفي فقد ظهرت قبل ذلك حركة أدبية من الإبداع و الابتكار الفني و جهت اهتمامها بالعلوم الدينية إلى أبعد الحدود و من ذلك شرح الشاب الظريف(ت688ه) لكتاب المواقف للنفري .
و استمرت هذه الحركة إلى غاية الفترة المعاصرة و ذلك بتنظيم دواوين مطبوعة تضمن فحواها أقطاب من الشعر الديني ، و التصوف مثل " أحمد سحنون و محمد بن عبد الرحمن الديسي " .
   هذا ، فإن الأدب الصوفي ثقافة إنسانية تعدت الثقافة الإسلامية إلى ثقافات أجنبية بحكم تواجده في الديانات المسيحية و اليهودية و هذا يعود إلى الامتزاج الحضاري بين المجتمعات البشرية ، و قد نال الأدب الصوفي الإسلامي حضا و نصيبا عظيما من طرف المؤلفات العربية و الغربية بما فيها الإستشراقية ، فتعددت مفاهيمه بين هذا و ذاك
كفلسفة ذاتية أو إلهامات وجدانية تضطلع من الأديب الصوفي بحكم تجربته الإبداعية إلا أنه ينبغي علينا تحديد هذه المفاهيم و تصنيفها حسب درجات تطورها كي يسعنا أن نفرق بين الصوفية الإسلامية و الصوفية الأوربية التي اضطلعت من التفكير الفلسفي اليوناني.
    وهكذا نستطيع صياغة اللفظ الصوفي الإسلامي في قالب مميز عن القوالب الديانات العالمية الحية و هذا لا يعني عدم الاكتراث بالحضارات الإنسانية الأخرى ولكن فقط إن أمر الاهتمام بتدوين التراث الصوفي العربي يحتاج إلى كثير من الضبط و التدقيق و استنطاق المصادر كونها ملجأ الباحثين في صياغة أبحاثهم العلمية .
    و أخيرا لا يسعنا إلا القول أن الحركة الأدبية الصوفية عرفت استمرارية و حفلت بتواصل العديد من المتنافسين في إظهار أقلامهم النبيلة في حلة إسلامية أصيلة.
فاطمة الزهراء طوبال

3 commentaires:

  1. http://www.2shared.com/file/lUWP4zAD/_________.html

    www.youtube.com/boutaflika1pd

    RépondreSupprimer
  2. http://algerian-etudiant.ahlamontada.net/t106-topic#260

    بورطابلي المحمول وmon commissaire

    RépondreSupprimer
  3. الطرق الصوفية وشوية متصوفة هنا
    http://unja.forumn.org/t2866-topic#7170

    RépondreSupprimer